الثلاثاء، 2 أغسطس 2011

فانوس رمضان


فانوس رمضان

ارتبطت صناعة الفانوس الجميلة والمبهجة بمقدم الحاكم المعز لدين الله الفاطمي الذي كان قد أرسل قائده جوهر الصقلي  وأمره أن يبني له مدينة تكون عاصمة للبلاد فبنى له مدينة القاهرة وبنى له الجامع الأزهر ليكون جامعا وجامعة تدرس المذهب الشيعي وبعد أن تم بناء مدينة القاهرة وجامعها الأزهر قدم المعز لدين الفاطمي في موكب عظيم وخرج أهالي القاهرة لاستقباله بالمشاعل والفوانيس وصادف ذلك بداية شهر رمضان عام 362 هجرية وهتافات الترحيب
ومنذ ذلك التاريخ تحول الفانوس الذي كان موجودا قبل هذا التاريخ من وظيفة الإضاءة ليلاً إلى مظهر من مظاهر البهجة والاحتفاء بمقدم شهر رمضان الكريم المبارك في مصر أولا ثم انتشر منها لجميع أنحاء العالم العربي والإسلامي كما لازم هذا الاحتفال ظهور أغان مصاحبة تعبر عن الفرح بمقدم شهر رمضان، وأصبح من أشهر معالم رمضان ومظاهره المحببة إلي الصغار والكبار معا هو هذا الفانوس الرمضاني بأشكاله المختلفة، فلا يكاد يخلو شارع من فانوس ضخم مصنوع من النحاس أو الصاج والزجاج الملون أو من الخشب وورق السلوفان.
صناعة الفانوس
وقد بدأت صناعة الفوانيس منذ العصر الفاطمى تتخذ مسارًا حرفيًا وإبداعيًا فى الوقت ذاته، فظهرت طائفة من الحرفيين فى صناعة الفوانيس بأشكالها المتعددة وتزيينها وزخرفتها، ولم يتشكل الفانوس فى صورته الحالية إلا فى نهاية القرن التاسع عشر وأصبح يُستخدم -إلى جانب لعب الأطفال- فى تزيين وإضاءة الشوارع ليلاً -كما كانت وظيفته الأصلية- خلال شهر رمضان رغم وجود وسائل الإضاءة الحديثة، وارتبطت صناعة الفانوس فى القاهرة الفاطمية بأحياء الدرب الأحمر وبركة الفيل التى اشتهر بها ورشة الحاج محمد بلاغة، وشارع السد بالسيدة زينب؛ حيث اشتهر من الحرفيين أولاد أم إبراهيم، ويسمى الحرفى فى صناعة الفوانيس بـ"السمكرى البلدي" ، ويبدأ الحرفيون فى العمل بعد انتهاء عيد الفطر مباشرة حيث يكون العمل تحضيريًا فقط ويصل إلى ذروته قبل حلول شهر رمضان ببضعة اشهر.
وقد كان الفانوس يصنع من النحاس والزجاج الملون، وعض المعادن الثقيلة كالحديد المطلي، ثم أصبح يصنع هيكل الفانوس جميعه من الصفيح لسهولة قصه وخفته، ويزين بنقوش دقيقة عند قاعدته وقمته، ويعلوه (علاقة) مستديرة لحمله، يليها (القبة)، وتتكون عادة من شرائح رقيقة عديدة قصت لتصطف إلى جوار بعضها بدقة وإتقان، وقد يتدلى من حواف هذه القبة كحلية عدة شرائط مستطيلة تسمى (دلايات). وقد يكون للفانوس باب يفتح ويقفل لوضع الشمع في داخله، وقد يكون دون باب ويحل محله ما يسمى (عرق) وهى قاعدة يسهل فصلها عن الفانوس تسمى (كعب) يعلوها الشماعة ثم ترشق فى الفانوس عقب وضع الشمع مرة أخرى . ويبدأ زجاج الفانوس من مقرنص – شقة البطيخة (مربع أو مدور) – شمسية – بدلاية . ومن الفوانيس ما يصنع أعلى بشرائح مثلثة تسمى (مشطوبة)، يليها زجاج واجهاته.
أشكال الفوانيس ومسمياتها 
تفنن الصانع الشعبى فى إعداد الفانوس فى أشكال شتى وأنماط متعددة لكل منها اسم معين ، وفى الفوانيس كبيرة الحجم كان الحرفى يحرص على تسجيل اسمه عليها ، فمنها ما هو مكتوب عليه (كمال أو طه) . ومن هذه الأشكال ما اختفى واندثر كفانوس (طار العائلة ويسمى أيضاً أبو نجمة – والشيخ على – وعبد العزيز) . وأصغر فوانيس رمضان حجماً يسمى (فانوس عادى أو بز) وهو فانوس رباعى الشكل وقد يكون له باب – ذو مفصلة واحدة – يُفتح ويًغلق لوضع الشمعة بداخله ، أو يكون ذو كعب ولا يتعدى طوله العشرة سنتيمترات ، أما أكبرها فيسمى (كبير بأولاد) وهو مربع عدل وفى أركانه الأربعة فوانيس أخرى أصغر حجماً ، و (مقرنس أو مبزبز كبير) وهو بشكل نجمة كبيرة متشعبة ذات إثنى عشر ذراعاً . ومن الفوانيس ما هو (عدل) ويتساوى اتساع قمته مع قاعدته ، ومنها ما هو (محرود) وتنسحب قمته بضيق نحو قاعدته ومن ثم فقد تعددت أسماء الأشكال الأخرى لفانوس رمضان ، فمنها : مربع عدل – مربع محرود – مربع برجلين - مسدس عدل – مسدس محرود – أبو حشوة (وله حلية منقوشة من الصفيح أسفل شرفته – مربع بشرف (أى له شرفة منقوشة من الصفيح حول قمته) – أبو لوز ويُطلق عليه فانوس فاروق أو فانوس أبو شرف وهو يُشبه فانوس بز لكنه أكبر منه فى الحجم – أبو حجاب – أبو عرق – مقرنص الذى تكون جوانبه على شكل المقرنصات الموجودة بالمساجد – شقة البطيخة (مربع أو مدور) – شمسية بدلاية - البرلمان -تاج الملك، ومن الفوانيس ما يتخذ شكل الترام والقطار والمركب والمرجحية وهذه يعلق بها عدد من فوانيس البز الصغيرة لتدور حولها مشابهة لمراجيح الموالد والمواسم والأعياد، وأحدث هذه الأنواع الشويبسى والشمامة. وتُشير المصادر الميدانية إلى أشكال أخرى كان يقوم بها صناع من القاهرة ثم استقروا فى بورسعيد والإسماعيلية؛ فأصبحت تنسب إلى هاتين المدينتين، وترسل لتباع فى أسواق القاهرة وتخرج فى شكلها عن الطابع التقليدى المعروف إلى شكل فانوس الهواء، وفى كون زجاجها الملون قطعة واحدة كروية أو بيضية مستطيلة حسب تدرج أحجامها، ويسمى أصغرها (سهارى) ثم تتدرج فى الكبر لتسمى على التوالى (فنيار نمرة 3 ، 4 ، 5 ، 7)، وارتبطت أشكال الفوانيس ببعض الأحداث التى تأثر بها الصانع الشعبي، وبخاصة الأحداث المرتبطة بالحرب ضد العدو، فنجد فوانيس فى شكل الدبابة والطيارة و الصاروخ ومنه الخماسى الشكل والسداسى وآخر أُطلق عليه علامة النصر وهو على شكل سبعة رمزًا لعلامة النصر.
وقد ظهرت أشكال جديدة ودخيلة من الفوانيس، والتى يتم استيرادها من الصين وتايوان وهونج كونج، وهى مصنوعة آليًا من البلاستيك وتتخذ أحجامًا تبدأ من الصغير جداً والذى قد يُستخد كمديلية مفاتيح، إلى الأحجام المتوسطة والكبيرة نسبيًا، وتُضاء جميعها بالبطارية ولمبة صغيرة، وتكون أحياناً على شكل عصفورة أو جامع أو غير ذلك من الأشكال التى تجذب الأطفال، ومزودة بشريط صغير يُردد الأغاني والأدعية الرمضانية، فضلاً عن بعض الأغانى الشبابية المعروفة للمغنيين الحاليين. ولا شك أن هذه الأنواع الدخيلة تُهدد الصناعة المحلية التى تميزت بإنتاج الفانوس الشعبي ذي القيم الجمالية الأصيلة والتي تحمل رموز وإبداعات الشعب المصرى عبر التاريخ.
منقول عن:
 بدائع الزهور في وقائع الدهور لابن إياس
المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار للمقريزي

 لمشاهدة ألبوم صور فوانيس رمضان اتبع هذا الرابط

هناك تعليق واحد: