الاثنين، 27 يونيو 2011
تاريخ الحضارة
الحضارة في اللغة العربية كلمة مشتقة من الفعل حضر، ويقال الحضارة هي القرى والأرياف والمنازل المسكونة، فهي خلاف البدو والبداوة والبادية
و يذهب البعض إلى إعتبار الحضارة أسلوب معيشي يعتاد عليه الفرد من تفاصيل صغيرة إلى تفاصيل أكبر يعيشها في مجتمعه ولا يقصد من هذا استخدامه إلى أحدث وسائل المعيشة بل تعامله هو كإنسان مع الأشياء المادية والمعنوية التي تدور حوله وشعوره الإنساني تجاهها.
فالحضارة نظام اجتماعي يحفز الإنسان على الإنتاج الثقافي،
وتتألف الحضارة من عناصر أربعة:
· الموارد الاقتصادية،
· النظم السياسية،
· التقاليد الخلقية،
· متابعة العلوم والإبداع الفني.
تبدأ الحضارة في الظهور والازدهار حيث يتحقق الأمن والأمان والاستقرار، لأنه الخوف مشتت كبير للطموح وعوامل الإبداع والرقي، وفي الأمن تنشط الأفكار الطموحة والمبدعة وبشيء من التمتع بالطبيعة الهادئة يتحفز العقل البشري ممزوجا بعاطفته الفياضة في فهم الحياة وازدهارها، ثم الإبداع في شتى مناحيها
والحضارة لها محفزاتها وكذلك معوقاتها الطبيعية كنوع البيئة التي يعيش فيها الإنسان فكلما كانت هذه العوامل الطبيعية أرق وأسلس وأبعد عن الوعورة من حيث طبيعة الأرض وغزارة مائها وأنهارها وجمال هوائها كانت هذه العوامل الجيولوجية والجغرافية مثيرة لملكات الإنسان نحو التحضر والأخذ بالمدنية، وكلما كانت عكس ذلك كلما ابتعد الإنسان عن الأخذ بالتحضر والمدنية فيصرف الجهود عن كماليات الحياة التي هي قوام المدنية، ويستنفدها جميعها في إشباع الجوع وعملية التناسل، بحيث لا تَذَرُ للإنسان شيئاً من الجهد ينفقه في ميدان الفنون وجمال التفكير.
وأول صورة تبدت فيها الثقافة هي الزراعـة، لأن استقرار الإنسان في مكان يزرع تربته ويقوم فيه بتخزين طعامه ليوم قد لا يجد فيه موردًا لطعامه؛ في هذه الدائرة الضيقة من الطمأنينة ترى الإنسان يبني لنفسه الدُّور والمعابد والمدارس، ويخترع الآلات التي تعينه على الإنتاج ويستأنس الكلب والحمار والخيل، ثم يسيطر على نفسه آخر الأمر، فيتعلم كيف يعمل في نظام واطراد، ويحتفظ بحياته ويزداد قدرة على نقل تراث الإنسانية من علم وأخلاق نقلاً أمينًا.
إن الثقافة لترتبط بالزراعة ولذلك فأغلب الحضارات قامت حول الأنهار.
وكذلك في المدينة فئة من الناس يتوفرون على إنتاج العلم والفلسفة والأدب والفن؛ نعم إن المدنية تبدأ في كوخ الفلاح، لكنها لا تزدهر إلا في المدن.
إن المدنية في وجه من وجوهها هي رقة المعاملة، ورقة المعاملة هي ذلك الضرب من السلوك المهذب، وإذن فالمدنية تجيء عادة بعد مرحلة يتم فيها التزاوج البطيء الذي ينتهي تدريجيًا إلى تكوين شعب متجانس نسبيًا .
فليس الجنس العظيم هو الذي يصنع المدنية بل المدنية العظيمة هي التي تخلق الشعب، لأن الظروف الجغرافية والاقتصادية تخلق ثقافته، والثقافة تخلق النمط الذي يصاغ عليه وما هذه العوامل المادية والبيولوجية إلا شروط لازمة لنشأة المدنية، ولا بد أن يضاف إليها العوامل النفسية الدقيقة
فلا بد أن يسود الناس نظام سياسي، وكذلك قانون خلقي يربط بينهم عن طريق دار العبادة أو الأسرة أو المدرسة أو غيرها، حتى تكون هناك قاعدة يرعاها الناس، وبهذا ينتظم ويتهذب سلوك الناس بعض الشيء ويتخذ له هدفًا وحافزًا
ولا بد كذلك عن وحدة لغوية لتكون بين الناس وسيلة لتبادل الأفكار، لأن هذا التراث هو الأداة الأساسية التي تحول هؤلاء النشء من مرحلة البدائية إلى طور الإنسان؛ لأن ذلك يرفع الأخلاق من مرحـلة توازن فيها بين نفع العمل وضرره إلى مرحلة الإخلاص للعمل ذاته.
وأخيراً لا بد من تربية لكي تنتقل الثقافة على مر الأجيال سواء كان ذلك التوريث عن طريق التقليد أو التعليم أو التلقين، وسواء في ذلك أن يكون المربي هو الأب أو الأم أو المعلم أو رجل الدين.
وربما كان من الضروري كذلك أن يكون بين الناس بعض الاتفاق في العقائد الرئيسية وبعض الإيمان بما هو كائن وراء الطبيعة ولو انعدمت هذه العوامل لجاز للمدنية أن يتقوض أساسها؛ فانقلاب جيولوجي خطير، أو تغيُّر مناخي شديد أو وباء يفلت من الناس زمامه أو زوال الخصوبة من الأرض، أو فساد الزراعة بسبب طغيان الحواضر على الريف، بحيث ينتهي الأمر إلى اعتماد الناس في أقواتهم على ما يرد إليهم متقطعًا من بلاد أخرى، أو استنفاد الموارد الطبيعية في الوقود أو المواد الخام، أو تغيُّر في طرق التجارة تغيرًا يُبعد أمة من الأمم عن الطريق الرئيسية لتجارة العالم، أو انحلال عقلي أو خلقي ينشأ عن الحياة في الحواضر بما فيها من منهكات ومثيرات واتصالات، أو ينشأ عن تهدم القواعد التقليدية التي كان النظام الاجتماعي يقوم على أساسها ثم العجز عن إحلال غيرها مكانها أو انهيارُ قوة الأصلاب بسبب اضطراب الحياة الجنسية أو بسبب ما يسود الناس من فلسفة متشائمة أو فلسفة تحفزهم على ازدراء الكفاح، أو ضعف الزعامة بسبب عقم يصيب الأكفاء وبسبب القلة النسبية في أفراد الأسرات التي كان في مقـدورها أن تورث الخَلفَ تراث الجماعة الفكري كاملاً غير منقوص، أو تركز للثروة تركزًا محزنًا ينتهي بالناس إلى حرب الطبقات والثورات الهدامة والإفلاس المالي. هذه هي بعض الوسائل التي قد تؤدي إلى فناء المدنية.
والمدنيات المختلفة هي بمثابة الأجيال للنفس الإنسانية، فكما ترتبط الأجيال المتعاقبة بعضها ببعض بفضل قيام الأسرة بتربية أبنائها ثم بفضل الكتابة التي تنقل تراث الآباء للأبناء، فكذلك الطباعة والتجارة وغيرهما من ألاف الوسائل التي تربط الصلات بين الناس، قد تعمل على ربط الأواصر بين المدنيات وبذلك تصون للثقافات المقبلة كل ما له قيمة من عناصر مدنيتنا.
و من الممكن تعريف الحضارة على أنها الفنون و التقاليد و الميراث الثقافي و التاريخي و مقدار التقدم العلمي و التقني الذي تمتع به شعب معين في حقبة من التاريخ. إن الحضارة بمفهوم شامل تعني كل ما يميز أمة عن أمة من حيث العادات و التقاليد و أسلوب المعيشة و الملابس و التمسك بالقيم الدينية و الأخلاقية و مقدرة الإنسان في كل حضارة على الإبداع في الفنون و الآداب و العلوم.
قصة الحضارة؛ تأليف: ويل ديورانت
تقديم
أعزائي
وقفت مع نفسي تجاه ما يمكنني أن أدخل من خلاله لموضوع الجمال فتحيرت بشدة، وجمعت مواد كثيرة ولكنني لم أكن أعرف كيف أطلقها، ووجدت في آخر المطاف أن السبيل هو الدخول للجمال والفن والإبداع عن طريق تعريف الحضارة وتاريخ الشعوب ثم ربط كل شعب بفنه أو فنونه المتعددة، مع إلقاء بعض الموضوعات المتفرقة بين الحين والآخر عن فن من الفنون، ثم ربطه خلال السرد التاريخي بموطنه.
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)