شعر في العشق الإلهي للسهروردي أبو الفتوح يحي بن حبش
1. أبــدًا تـَحِن إليــكمُ الأرواحُ
ووِصـالُـكم ريـحانها والــرَّاحُ
2. وقـلوبُ أهلِ وِدادكم تشتاقـكم
وإلى جــلالِ لـقائـكم تـرتـاحُ
3. واحسـرتا للعاشـقين تحـمَّلوا
سُرّ المـحبة والـهوى فــضَّاح
4. بالسرُّ، إن باحُوا، تُباحُ دماؤهم
وكذا دمــاء العاشقين تـــباح
5. وإذا هُـمُ كـتموا تحدث عنهم
عند الوشــاة المـدمعُ السّحاحُ
6. وبدت شواهد للسـقام عليهم
فيها لمُـشكِلِ أمـرهم إيـضاحُ
7. أحـبابنا، ماذا الذي أفسدتمُ
بجـفائكم، غـيرُ الفساد صَلاحُ
8. جُودُوا على مشتاقكم بلقائكم
فالصَّبُّ، عند لـقائكم، يـرتاحُ
9. فـإلى لـقاكم نفسُه مرتاحةٌ
وإلـى لـقاكم طـَرْفُه طـمَاحُ
10. خَفَضَ الجَناح لكم، وليس عليكم
للـصب فـي خَـفْضِ الجناح جُناجُ
11. عُودوا بنور الوَصْلِ في غَسَقِ الجفا
فالـهجرُ لـيلٌ والـوِصال صـباحُ
12. فتمتّعوا فالوقتُ طاب بقربكم
راق الـشرابُ ورقَّـتْ الأقـداحُ
13. صافاهُمُ فصَفَتْ قلوبهمُ بها
من نُورها الـمِشكاةُ والمصباحُ
14. يا صاح، ليس على الحبّ ملامةٌ
إنْ لاحَ في أفُـقِ الـوِصال صباحُ
15. لا ذنبَ للعُشاقِ إنْ غلب الهوى
كِـتمانَهم فـَنَما الـغرامُ وبَاحُوا
16. سمحوا بأنفسهم وما بخلوا بها
لـمَّا دَرَوا أنَّ الـسماحَ ربــاحُ
17. ودعاهمُ داعي الحقائق دعوةً
فَـغَدَوا بـها مستأنسين وراحُوا
18. ركبوا على سُفُنِ الوفا فدموعهُم
بـحْرً، وشِـدَّةُ شوقــهم ملاّحُ
19. والله، ما طلبوا الوقوفَ ببابهِ
حـتى دُعُـوا وأتـاهم المِفتاحُ
20. لا يطربون لغير ذِكرِ حبيبهم
أبـدًا، وكـلُّ زمـانهم أفراحُ
21. حَضّرُوا، وقد عابت شواهدُ ذاتهم،
فـتهتَّكوا لـمَّا رأوه وصـاحُوا
22. أفناهمُ عنهم، وقد كُشِفَتْ لهم
حُـجُبُ الـبقا، فتلاشت الأرواحُ
23. قُمُ، يا نديمُ، إلى المُدامِ فهاتها
فـي كأسـها قد دارت الأقـداحُ
24. مِنْ كَرْمِ إكرامٍ، بدِنِّ ديانةٍ
لا خـمرةٍ قد داسـها الفلاحُ
25. هي خمرة الحبِّ القديم ومنتهى
غـرض النـديم، فـنعم ذاك الراحُ
26. هي أسكرتْ في الخُلْدِ آدَمَ أولاً
وعـليه مـنها خِـلْعةٌ ووِشـاحُ
27. وكذاك نوحًا في السفينة أسكرتْ
فلـــه لـــذلك أنَّـةٌ ونياحُ
28. فتشبّهُوا إنْ لم تكونوا مثلَهم
إنَّ الـتشبُّهَ بالـكِرَامِ فــلاحُ